الصحراء، عالمٌ من السحر والفتنة والغموض، فهي طبيعةٌ توقظ الخيال وتؤجج في النفس المشاعر، ومن الصعب جداً أن يمرّ الشخص بها مرور الكرام، دون أن يُفتن بهذا السحر الكبير ويفيض وجدانه بالأمنيات، فالصحراء تجذب العقل وتستفزه بصمتها البليغ، على الرغم من ذاكرة رمالها التي لا تنسى كل مرّ فوقها من قصصٍ وحوادثَ ومعارك، وقد ظلّت الصحراء منذ القدم، طبيعةً خصبةً للاكتِشاف ومعرفة أسرارها وخبايا، فكثرت رحلات المستكشفين إليها وتجولوا في أنحائها رغم الخطورة التي تكتنف هذه الرحلات عادةً، وكتاب "في صحراء ليبيا"، يرصد جميع تفاصيل أول رحلةٍ علميةٍ إلى صحراء ليبيا المحاذية لحدود جمهورية مصر العربية، وقد كانت هذه الرحلة تحمل الكثير من الأهداف، وقد قام بها الرحالة المصري "أحمد محمد حسنين باشا"، حيث قدم في كتابه هذا دراسةً عميقةً ومهمةً للبيئة الصحراوية، وطبائع أهلها الاجتماعية وأسلوبهم في الحياة، بالإضافة إلى صفاتهم الإنسانية، وقد حرص الكاتب على وضع نماذجٍ عديدة من الصخور المنتشرة في جبالها، لذلك أثمرت رحلته عن نتائج جيولوجية مهمة، ووضع بين يدينا كتاباً علمياً رائعاً وممتعاً.