نصّ يبدو عصيّا على التصنيف والتجنيس، فعلت لعبة الواقعي والمتخيّل فعلها فيه، بما جعله رواية كالسيرة أو سيرة كالرواية، وجعلك أميل إلى اعتباره رواية سيرذاتية لما رأيت من وجوه المطابقة بين المؤلف والرّواي والشخصية المركزية. فقد تعمّدت الكاتبة إجراء روايتها مجرى النصّ المركّب فجاء قصّا وشعرا وسيرة ومذكّرات ورسائل (إلكترونية) وأجواء صوفية وأسطورية وأخبارا واستحضارات وإحالات شتى على نصوص غائبة. وحضر النقد هناك حيث لم تقنع الكاتبة بكتابة روايتها، بل وقفت عند بعض مراحل الكتابة وشفعت إنشاءها بكلام حول إنشائها. لكنّ هذا النصّ ظلّ رغم اجتهاد صاحبته في إخضاعه لحديث التقنيات والوسائط الفنّية، وهي الخبيرة بها، دارسة ومدرّسة، يدور على فكرة ويحمل رسالة ويعبّر عن رؤية. ومناط هذه الفكرة اجتماعي، مجتمعي. أمّا السياسي الذي احتلّ من النصّ عددا من مقاطعه في المراحل الأولى، فيبدو عارضا فرضته الأحداث التي حفّت بكتابة النصّ وآثرت الكاتبة أن تراوح بينه وبين الذاتي في شخصية الشخصية المحورية سارّة سعيد (س س) الواردة في صورة المرأة الاستثنائية، صاحبة الكمال الجسماني والروحاني وربّة للفكر الوقّاد. أمّا الفكرة الأمّ التي استقطبت كلّ شيء من هذا المركّب الروائي، فمدارها على إدانة المجتمع الذّكوري والرجل الخوّان "بالطبع". الطاهر الهمّامي