يضم كتاب "أبواب الذاكرة" للكاتبة الأردنية هيا صالح مقالات تتناول تجارب قصصية عربية، تم التعامل مع كلٍّ مدوّنة منها بوصفها مادة جمالية تجترح أسئلتها الخاصة، وتتفرد في سماتها عن سواها، وتؤكد بمجملها على أن القصة القصيرة التي تأتي عن قلمٍ خبير وعين مدرّبة، أقدر من سواها على التعبير عن الحياة. ففيها يعثر القارئ على كثيرٍ مما يتقاطع مع تجربته الذاتية التي يعيشها أو التجارب الجمعية التي عايشها. فمن جهة، تشكّل القصة حافزاً لوقفةٍ مع النفس يراجع فيها المرء محطات في حياته بما تشتمل عليه من نجاحات وإخفاقات. ومن جهة أخرى تدفعه لإعادة ترتيب علاقته بالمحيط الاجتماعي والإنساني الذي يعيش فيه. وترى صالح التي فازت في العديد من الجوائز العربية والمحلية أهمها "جائزة ناصر الدين الأسد للدراسات النقدية" أن القصة القصيرة مؤهلة لتكون في طليعة الأجناس الأدبية التي بمكنتها حمل رسالة الكاتب وموقفه مما يجري حوله، إذ تتيح له الانفتاح على الواقع/ الناس/ الشارع/ الحياة، بمنأى عن الانعزالية والتقوقع على الذات. وفي هذا إعادةُ الأدب بعامة إلى دوره وتأثيره في واقع الناس وحراكهم، وتجاوبه مع هواجسهم وما يُهمّمهم. وكما تبين صالح التي شاركت في العديد من المؤتمرات النقدية، تبدو المدونة القصصية العربية في زمننا هذا مهجوسة بموضوعة الحرب التي تسم التاريخ العربي المعاصر، ويتواصل إيقاعها بشكل يكاد يكون يومياً بما ينطوي عليه ذلك من نتائج وتداعيات كارثية على الجماعة، وقبل ذلك، على الفرد الذي بات يعاني من شروخات وتصدّعات نفسية، فاقداً قدرته على الانخراط في الحراك الاجتماعي، أو الانفتاح على محيطه، بعد أن سيطرَ عليه الإحساس بالاغتراب والتخبط والضياع.