تنطوي هذه الدراسة على تساؤل محوري هو: "القصد الواعي الذي يفترض أن يكون لدى الشاعر في إبداعه، بحيث يكون دليلا ًكافياً لمباشرة الناقد الإضاءة على هذا الإبداع". وبمعنى آخر يتساءل المؤلف عن أسباب عدم توافر القدرة النقدية لدى الشاعر للنظر في إبداعه الشعري، وبالتالي، تبقى هذه المهمة محصورة بالناقد الذي أعطي النظر في إبداعية الشاعر. ومهما يكن من أمر النقد الذي يباشره الشعراء في تصنيف أشعارهم وأشعار غيرهم، وفق معيار التيار أو المذهب أو الأسلوب، فإن ما يعرضه المؤلف في كتابه كما يقول " لا يعدو محاولة للإجابة عن سؤال ياكوبسون الأول، في ما خصّ شعراء قصيدة النثر، لما بعد الرعيل الأول" وعلى هذا، توزع الكتاب على ثلاثة مباحث، في المبحث الأول يسعى المؤلف إلى الكشف عن خصوصية الكتابة الشعرية التي آلت إليها بعض تجارب قصيدة النثر ولا سيما تجربتا الشاعرين، بول شاوول، وعباس بيضون. أما المبحث الثاني فجاء بعنوان "قصيدة النثر: المعجم والإيقاع"، في أعمال عبده وازن، ووديع سعادة، وبسام حجار، وتضمن دراسة أسلوبية مقارنة، بين شعراء ثلاثة، تعنى بالمستوى الإيقاعي، بالإضافة إلى المستوى المعجمي، إضافة إلى المستوى التركيبي، الهندسي، بهدف الكشف عن بعد لا يزال مستتراً في لعبة تأليف قصيدة النثر، وهو البعد التركيبي – الهندسي، في بنيان القصيدة، ومقدار التوليد والتعقيد اللذين انطبعت بهما لغة قصيدة النثر لدى كل من هؤلاء الشعراء. وكان المبحث الثالث بعنوان "إبداعية قصيدة النثر، نموذج "كفار باريس" للشاعر عباس بيضون، وقد ألحق به المؤلف "دراسة الترابطات التناصية الكامنة فيه".