منذ سنوات ليست ببعيدة، شهد الغرب تطوراً كبيراً في المجازر الآلية الحيوانية وفي وعي الناس بها وإدراكهم لأهميتها. وقد كانت الزيادة في حجم المعرفة بالمجازر الآلية نتيجة حتمية للظروف التي عاشها إنسان العصر الحديث في سنوات ما قبل ميكنة العمليات الإنتاجية في المجازر وإدخال التكنولوجيات المتطورة فيها. فلم يحرز أي نشاط صناعي تجاري يقوم على الزراعة الحيوانية اهتماماً كالذي حققه نشاط المجازر الآلية. ومن أسف، فإن في جمهورية مصر العربية، لا يزال نشاط إنتاج اللحم في معظمه يعتمد على الطرق الضعيفة الكفاية. وكذلك حال نشاط تصنيع اللحوم؛ إذ يكاد يكون مقصوراً على مصانع تعد على أصابع اليد الواحدة، لا يتناسب إنتاجها بتاتاً ولا مستوى جودتها إطلاقاً مع متطلبات السوق المحلية أو الخارجية. إن إنسان اليوم في مصر في حاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى المجزر الآلي الذي يثبت – بحق – جدواه البيئية، والتسويقية، والفنية، والمالية، والتجارية. من هذا المنطلق جاء هذا الكتاب ليقدم للقارئ القدر الأساسي من المسوغات البيئية والتسويقية والفنية والمالية والتجارية لإقامة المجزر الآلي (للإجابة عن " لماذا؟ ")، والركائز المحورية، لدراسة جدواه (للإجابة عن " كيف؟"). ومن ثم لا تقتصر إفادة هذا الكتاب على طلاب الجامعات، والمعاهد العليا الدارسين لموضوعات مثل " إنتاج اللجم " و " معاملات ما قبل الذبح وبعده " ، ولكنها تمتد إلى العامليـن في ميدان إنتاج اللحم وتصنيعه وتصنيع مخلفات إنتاجه. إلى هؤلاء يقدم الكتاب خلاصة خبرة سنوات طوال في إنشاء أكبر شركات للمجازر الآلية الحيوانية أقيمت في مصر، تأسيساً و/أو اشتراكاً في مجالس إداراتها أو استشارياً لجهازها التنفيذي، ثم خبرة ما زالت ممتدة في مراجعة دراسات جدوى المجازر الآلية المقدمة للتمويل من البنوك المحلية والإقليمية، تتخللها خبرات مكثفة في تقديم دراسات ميدانية لتطوير المجازر الآلية في دول أفريقية ذات نشاط تصديري هام. تُرى، في مصر، هل نحيا لنرى اليوم الذي تكون فيه التكنولوجيا موظفة، كما يجب، في عمليات الذبح والتشفية وتقطيع اللحوم الناتجة وتعبئتها غير مصنعة أو مصنعة، وما يترتب على كل ذلك من عمليات تصنيع للمنتجات الثانوية الناتجة عنها، فيتحقق الحلم القديم بأن لحم المجازر الآلية وسائر منتجاتها تدخل كل بيت في مصر؛ لعل هذا اليوم ليس ببعيد. وفى النهاية هذا الكتاب ليس غرضه حل مشكلات إنتاج اللحم بعد وقوعها، إنما يسعى لمنعها قبل أن تقع.