خلفت مصر من آثار فنونها المختلفة ما يفوق في قيمته وعدده سائر ما تبقى لها من آثار، حتى تعتبر الحضارة المصرية في جملتها حضارة فنية راقية مهما كانت أسبابها وغاياتها، وهاك آثار فنون مصر في وادي النيل لا تزال تهوى إليها قلوب الباحثين وأهل الفن من كل حدب وصوب شاهداً بما لها في نفوس عشاق الجمال من وقع وأثر كبير. وإلى جانب ما لآثار مصر من قيمة فنية فهي تكشف عن عقائد المصريين وأفكارهم، وفيها تتراءى طبيعتهم ومشاعرهم، وتتمثل آدابهم وعاداتهم وفي صفحاتها تتردد أصداء حيواتهم السياسية والاجتماعية، بما يجعلها سجلاً حافلاً ينطق بلسان واضح مبين، وقد أتاحت الأقدار للفنون المصرية أن تمتد بها الحياة آلافاً من سنين على خلاف ما أتيح لغيرها، كما قد تعرضت لصنوف شتى من الأحداث، وتأثرت بعوامل عدة، وإنه ليمكن بفضل ما حفظ من آثارها طوال تاريخها تنبع نشأتها وتطورها، واستقصاء مظاهرها، واستكناه ما صاحبها من أفكار وأغراض في مدى طويل لا يتسنى في بلد آخر.